حين تغيب الشمس .. وينطفئ بريقها .. يعاود الليل سكونه .. ويحلق ذلك الإنسان في فضاء همومه الفسيح ..
ثم ما يلبث أن ينزوي داخل زنزانة حياته التعيسه .. يرى هناك من بعيد حدود كثيره .. أغلبها بل كلها صور حزينه ..
يرتعد قلبه منها ويمطر دمعه .. وتبرق عينه التي كادت أن تغشى من الحسرة والألم .. ويكاد قلبه يحترق ..
يتأمل هذه الصور مجدداً .. يحاول جاهداً أن يبعدها عن مخيلته .. ثم يحاول ويحاول دون جدوى ..!
صمت يعلو هذه المحاولات .. وليل طويل لا ينجلي .. والحزن يضغط على نفسه .. يصرخ في داخله ..
لمِ كل هذا ..؟!!؟
فتعاوده تلك الصور مجدداً .. تجيبه عن سؤاله .. :-
(( حياتك البائسه .. فقرك .. ضعفك .. عجزك .. أهلك .. أخوانك .. أحبابك .. قلة حيلتك .. بل دينك المحاصر .. ))
كل ذلك .. يتسرب الى خواطره ويتربع في قمة ذاته .. تثقل روحه المتعبة بالهموم .. وفي لحظه ضعف يستسلم لهمومه ..
تنساب من مقلتيه دمعه .. تتفجر كالبركان الهائج ويعلو صوته زفرات وآهات.. تكاد تفصح عن حزن عميق
وشعور بالدونيه .. (( نعم .. أنا لا شئ ..!! )) .. يقولها وكأنه بكلمته تلك يسكت كل صوت في العالم ..
لكن قلبه المؤمن لم يسكت .. (( كيف .. وأنت تؤمن بأن مع العسر يسرا )) ..!!
كيف وأنت تؤمن بأن (( الله مع الصابرين )) ..!!
كيف وأنت تؤمن بقوله تعالى (( وبشر الصابرين اللذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون )) ..!!
في تلك اللحظه يتذكر خالقه .. تقوى عزيمته وإيمانه بأن (( مع الشدة الفرج )) ..
يكفكف عبراته ... ويترك صُوره الحزينه .. ويفتح سجل الأفراح .. تعاوده ذكريات جميله .. تسرح بفكره .. تجدد إبتسامته
التي كادت أن تنقضي وترحل .. : )
يتفاءل ببزوغ الشمس .. وتغريد العصافير .. فيتبدده حزنه فرحاً ..
ويردد في قرارة نفسه ..
ياصاحب الهمِ أن الهمَ منفرجٌ ... أبشر بخيرٍ فإن الفارج الله
//
~ وقفه ~
لولا مصائب الدينا .. ورِدنا الآخرة مفاليس ..
لنجعلها ومضةً .. تضيئ دربنا كلما أثقلت الدنيا نفوسنا بهمومها ..